تدمير ثروة العراق السمكية لمصلحة من .؟
بعد ردم البحيرات المحلية.. السمك المستورد يغزو السوق العراقية
بغداد – فريق أوقات
هذا التحقيق يسرد قصة تدمير الثروة السمكية في العراق، مستعرضًا أبعاد هذه الأزمة وتأثيرها على الأسواق وكيفية استفادة بعض الأطراف، مثل المصدرين الإيرانيين، من الوضع. مختصون ينتقدون السياسات الحكومية الخاطئة التي أدت إلى تقليص المواطن الطبيعية للأسماك من خلال ردم البحيرات دون التخطيط العلمي المدروس لمصير الثروة السمكية.
أزمة الثروة السمكية في العراق”
“لطالما كانت الثروة السمكية في العراق واحدة من أعمدة الاقتصاد المحلي، ولكن في السنوات الأخيرة، شهدت هذه الصناعة أزمة غير مسبوقة. فما الذي حدث؟”
وأثارت مشاهد نفوق ملايين الأسماك في القناة المائية الرابعة بقرية العمشان – قضاء المجر الكبير التابع لمحافظة ميسان شرقي العراق مخاوف الناشطين والمختصين في مجال البيئة محذرين من كارثة كبيرة تهدد الثروة السمكية بالبلاد وسط تخاذل من قبل الجهات الحكومية في سبيل تحقيق أجندات خارجية.
يقول الصياد جسين عبد الزهرة لم نعد نجد الأسماك كما كنا نعتاد. أعدادها تتناقص بشكل كبير، وأصبح من الصعب علينا أن نوفر لقمة العيش لعائلاتنا.”
اما الصياد علي كاظم من الجبايش يقول كل يوم نذهب إلى الاهوار ولا نعود إلا بخيبة أمل. الأوضاع أصبحت لا تُحتمل.”
“تبدو الأزمة واضحة. انخفاض أعداد الأسماك أصبح له تأثير كبير على حياة الصيادين، لكن السؤال هو: لماذا؟”
“التحقيقات أظهرت أن هناك مجموعة من العوامل ساهمت في تدهور الثروة السمكية. التلوث الصناعي، الصيد الجائر، وغياب الإجراءات الفعّالة لحماية الموارد.”
قاسم عبد الصمد ناشط في شؤون البيئة يقول : إن ما حدث يمثل صدمة بيئية وكارثة حقيقية تتطلب تحرك عاجل من الجهات الحكومية، مشيرًا إلى أن عمل الكثير من الصيادين تأثر بشكل أو بآخر نتيجة هذا النفوق الأخير للأسماك.
وأوضح أن السبب الأساس في نفوق ملايين الأسماك هو نقص الايرادات المائية الذي أدى إلى نقص الاوكسجين وبالتالي نفوق هذا العدد الكارثي من الأسماك. وان هذا التلوث والتدمير البيئي كان لهما تأثير مدمر على البيئة النهرية. وهذا، بدوره، أدى إلى انخفاض كبير في أعداد الأسماك.”
“في ظل تراجع الإنتاج المحلي، بدأت الأسواق العراقية تعتمد بشكل متزايد على الأسماك المستوردة.
من بين هذه الأسماك، تبرز الأسماك الإيرانية.” وشهدت الأسواق العراقية غزوًا للأسماك المستوردة من إيران، حيث يعتبر هذا التحول انعكاسًا للتحديات الاقتصادية التي تواجهها البلاد والأجندات الخبيثة التي تسعى إلى تحول العراق من بلد معروف بثروته السمكية إلى بلد مستورد للأسماك الإيرانية.
ويشكو باعة الأسماك والمواطنين من ارتفاع أسعارها التي وصلت إلى نحو 13 ألف دينار للكيلو غرام الواحد.
وتحدث باعة السمك في بغداد عن الأسعار التي ارتفعت بشكل كبير ما اضطر الكثير من باعته إلى إغلاق محالهم بسبب عدم تحقيق الأرباح اللازمة لتغطية أجور اليد العاملة وباقي متطلبات الحياة اليومية.
وأشار الباعة إلى أن ارتفاع أسعار الأسماك سببه عمليات غلق وردم العشرات من البحيرات، وأن هذا الإغلاق جاء من أجل فتح أبواب الاستيراد للسمك بحجة شحته محليًا وارتفاع أسعاره.
وتعود جذور أزمة الثروة السمكية في البلاد إلى السياسات الحكومية الخاطئة من خلال ردم البحيرات وتغيير مسارات الأنهار دون دراسة علمية وبيئية فضلًا عن ازمة المياه المتفاقمة مما ساهم بتقليص المواطن الطبيعية للأسماك.
ووصف مختصون في مجال البيئة تدمير المواطن الطبيعية للأسماك وردم البحيرات بالجريمة البيئية مطالبين بحماية هذه المواطن من التعديات وتبني سياسات بيئية مستدامة للحفاظ على التنوع البيولوجي.
ويرى المختصون أن عمليات ردم بحيرات الأسماك أدى إلى تدمير البيئات التي كانت تعتبر ملاذًا آمنًا لتكاثر الأسماك هذا الأمر لا يؤثر فقط على الإنتاج السمكي بل يمتد ليؤثر على التنوع البيولوجي والبيئي في العراق.
وطالب مختصون حكومة الإطار التنسيقي بمراجعة سياساتها المتعلقة بإدارة الموارد المائية والحفاظ على البيئات الطبيعية.
وأكدوا على ضرورة دعم قطاع الثروة السمكية من خلال توفير الدعم الفني والمالي للمزارعين والصيادين بالإضافة إلى تعزيز البحث العلمي في مجال تربية الأسماك وتطوير تقنيات حديثة لتحسين الإنتاج المحلي.
وأدى نفوق الأسماك وانخفاض الإنتاج المحلي إلى ارتفاع كبير في أسعار الأسماك في الأسواق المحلية والذي أثر بشكل مباشر على المستهلكين خاصة الفئات ذات الدخل المحدود التي تعتمد على الأسماك كمصدر رئيسي للبروتين.
“لكن هذه الاعتماد المتزايد على الاستيراد يثير القلق. فهل يكون وراء هذا الأمر دوافع خفية؟”
تأثير الأزمة على الاقتصاد
“الأزمة لا تؤثر فقط على الصيادين، بل تمتد آثارها إلى الاقتصاد الوطني. فالتراجع في الإنتاج المحلي يعني زيادة في الاعتماد على الواردات، مما يؤثر على الأسعار ويزيد الأعباء على المواطنين.”
الاستاذ ثامر البغدادي الخبير الاقتصادي يقول :الأزمة تسببت في ارتفاع أسعار الأسماك المحلية، مما أدى إلى زيادة العبء على المستهلكين، في الوقت الذي تستفيد فيه بعض الأطراف من زيادة الواردات.”
ِمحاولة الإصلاح والتغييرِ
“رغم الأوضاع الصعبة، هناك جهود جادة من قبل ناشطين وخبراء لحماية البيئة البحرية وإعادة بناء الثروة السمكية. ولكن، هل ستكون هذه الجهود كافية للتغلب على الأزمة؟”
الناشط البيئي محمد جاسم العبادي يقول : “نحن نعمل على تعزيز قوانين حماية البيئة البحرية والتأكد من تطبيقها بصرامة. نحتاج إلى الدعم من جميع الجهات لتحقيق التغيير.”
“في النهاية، تبقى أمل العراق في استعادة ثروته السمكية، وحماية اقتصاده من الأزمات التي تهدد استقراره.”لعل في الأفق نور يضيء الطريق نحو استعادة الثروة السمكية وتعافي الاقتصاد العراقي، لتبقى الأسماك جزءًا أساسيًا من التراث والاقتصاد.”