منارة بغداد الثقافية تترنح: انتكاسة سوق الكتب”

Advertisements

منارة بغداد الثقافية تترنح: انتكاسة سوق الكتب”

منارة بغداد الثقافية تترنح ،تراجع القراءة في العراق يسبب أزمة للثقافة في بلد الحضارات” اصحاب  محال بيع الكتب يتساءلون أين ذهب القراء

بغداد – تحقيقات أوقات

كان العراق على مر العصور منارة ثقافية وعلمية، حيث ارتبط اسمه بحضارات عظيمة كحضارة بلاد ما بين النهرين التي شهدت اختراع الكتابة، وبغداد عاصمة الخلافة العباسية التي كانت منارة للعلم والفكر في العالم الإسلامي. لكن في السنوات الأخيرة، شهدت الثقافة العراقية وبالأخص سوق الكتب انتكاسة كبيرة، تعبير عنها عنوان “مَحّد يقرا”، الذي أصبح يجسد تراجع الإقبال على القراءة في البلاد.

خلفية تاريخية

لطالما كانت القراءة جزءاً لا يتجزأ من حياة العراقيين، حيث اشتهرت بغداد بأسواق الكتب التاريخية مثل شارع المتنبي، الذي كان لعقود مركزاً ثقافياً حيوياً، يعج بالكتّاب والمثقفين. كان هذا الشارع رمزاً للأدب والثقافة، يجذب القراء من مختلف طبقات المجتمع لشراء الكتب، سواء القديمة أو الحديثة.

“أين ذهب القراء؟.. انحسار سوق الكتب في العراق”

الأوضاع الراهنة لسوق الكتب

في السنوات الأخيرة، تعرض سوق الكتب في العراق لأزمة حادة. تدهورت مبيعات الكتب بشكل ملحوظ، وتراجع عدد القراء. أسباب هذه الانتكاسة متعددة، ويمكن تقسيمها إلى عوامل ثقافية، اقتصادية، واجتماعية:

  1. العوامل الاقتصادية:
    • تدهور الوضع الاقتصادي في العراق بشكل عام بعد الحروب والعقوبات الاقتصادية، مما أثر على قدرة الناس على شراء الكتب. ارتفعت تكلفة المعيشة بشكل كبير، وأصبح الكثيرون يفضلون إنفاق أموالهم على الاحتياجات الأساسية بدلاً من شراء الكتب.
    • بالإضافة إلى ذلك، تضررت قطاعات النشر والطباعة بشكل ملحوظ نتيجة للأزمات المتلاحقة. باتت دور النشر تعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج وضعف التوزيع، مما قلل من الإصدارات الجديدة.
  2. التكنولوجيا والإعلام الرقمي:
    • شهدت العراق، كغيره من الدول، انتشاراً واسعاً للتكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي. الإنترنت جعل الحصول على المعلومات والقراءة الإلكترونية أسهل وأرخص. الكتب الإلكترونية والمواد الترفيهية الرقمية أصبحت تجذب جمهوراً واسعاً، مما قلل من الاعتماد على الكتب المطبوعة.
    • التوجه نحو السوشيال ميديا والبرامج التلفزيونية زاد من قلة اهتمام الجيل الجديد بالقراءة التقليدية، حيث أصبحت الثقافة السطحية والمواد البصرية هي المهيمنة.
  3. العوامل الاجتماعية والثقافية:
    • التغيرات الاجتماعية التي شهدها العراق، خصوصاً بعد الحروب والنزاعات الداخلية، أثرت بشكل كبير على مستوى الاهتمام بالثقافة. مع تراجع الاستقرار السياسي والاجتماعي، أصبح الناس أكثر تركيزاً على التحديات اليومية بدلاً من البحث عن التغذية الثقافية.
    • ضعف الاهتمام الحكومي والمؤسساتي بالثقافة والتعليم ساهم في تراجع مستوى الوعي الثقافي. مشاريع دعم القراءة والمكتبات العامة لم تعد تحظى بالتمويل أو الاهتمام الكافي، مما أدى إلى تراجع المبادرات التي كانت تهدف إلى تعزيز القراءة بين الناس.

الآثار المترتبة على تراجع القراءة

أدى هذا التراجع في الإقبال على القراءة إلى آثار كبيرة على المجتمع العراقي:

جهود إنعاش سوق الكتب

على الرغم من التحديات، هناك محاولات جادة لإعادة الحياة إلى سوق الكتب وتعزيز ثقافة القراءة. بعض الجهات الثقافية والشبابية تسعى لإطلاق حملات تشجع على القراءة، مثل إقامة معارض الكتب وتنظيم مبادرات تبادل الكتب بين الشباب. كما أن شارع المتنبي رغم الصعوبات لا يزال يمثل وجهة مهمة لكل من يهتم بالكتب والثقافة.

رغم الانتكاسة التي يواجهها سوق الكتب في العراق اليوم، إلا أن الأمل في إحياء هذه الثقافة العريقة لا يزال قائماً. إن استعادة الاهتمام بالقراءة يتطلب جهوداً جماعية من الدولة والمجتمع لتعزيز التعليم ودعم الكتاب والمثقفين. في النهاية، الثقافة والقراءة هما ركيزتان أساسيتان في بناء مجتمع واعٍ ومتحضر، وهذا هو المستقبل الذي يستحقه العراق.

Exit mobile version