الحريات الصحفية في العراق: تراجع خطير وتحديات مستمرة في ظل نفوذ الأحزاب المسلحة
تستمر الحريات الصحفية في العراق بالتراجع بشكل متواصل في ظل التحديات التي تواجه الصحافيين والإعلاميين في البلاد. والتي تتراوح بين التضييق على حرية الرأي وتزايد الضغوط السياسية والأمنية. وقد أثارت تقارير صحفية حديثة مخاوف من غياب الإعلام المستقل في العراق. وتزايد تأثير المال السياسي والأحزاب والميليشيات المسلحة على وسائل الإعلام المحلية.
التضييق على حرية الرأي
تشير التقارير إلى أن التضييق على حرية التعبير في العراق بدأ منذ الغزو الأمريكي عام 2003، وهو ما أسفر عن تقييد متواصل للصحافة الحرة. وقد أكد مراقبون وصحفيون عراقيون أن الصحافة الحرة تراجعت بشكل كبير في العقدين الماضيين، حيث أصبح التعامل مع الصحفيين والناشطين أسوأ، بسبب تدخلات القوى السياسية والميليشيات المسلحة في مسار العمل الإعلامي.
وأوضح الصحفيون أن البيئة السياسية المعقدة والمليئة بالفساد. بالإضافة إلى القوانين الفضفاضة التي تقيد الصحافة. جعلت عمل الإعلاميين صعباً جداً. سواء في مجال الكتابة أو التحليل. وتشير التقارير إلى أن الضغوط السياسية التي تمارسها الأحزاب الحاكمة تسهم بشكل مباشر في تقييد حرية التعبير. لا سيما في القضايا السياسية.
تشريعات وقوانين تقيد العمل الصحفي
تواصل التشريعات القمعية والصارمة دورها في الحد من حرية الصحافة، حيث تُستخدم قوانين مثل “نشر أخبار كاذبة” أو “المساس بالأمن القومي” كأداة لتهديد الصحافيين وقمعهم. وأصبحت هذه القوانين أداة رادعة ضد الصحفيين الذين يسعون إلى تقديم تقارير مستقلة أو كشف الحقائق، مما يزيد من المخاوف لدى العاملين في القطاع الإعلامي.
وعلى صعيد آخر. فقد تم رصد استهداف مؤسسات الإعلام المستقلة من خلال منع التمويل أو الضغط عليها للعمل ضمن أجندات معينة تخدم مصالح القوى السياسية المتنفذة. كما تم تسجيل حالات تحريض وتشويه ضد الصحفيين. حيث يتم اتهامهم بالعمالة أو إثارة الفتن، ما يعرض حياتهم للخطر في بعض الأحيان.
العراق بين الدول الأكثر خطورة على الصحفيين
ويعد العراق من أكثر الدول خطورة على الصحفيين على المستوى العالمي. فوفقاً للإحصاءات، وصل عدد القتلى الصحافيين في العراق إلى أكثر من 470 صحفياً. كما سجلت العديد من الانتهاكات ضد الصحفيين خلال السنوات الأخيرة. وفي تقرير منظمة “مراسلون بلا حدود” لعام 2024. احتل العراق المرتبة 169 من أصل 180 دولة في مؤشر حرية الصحافة، مما يعكس الوضع المأساوي الذي يعيشه الصحفيون في البلاد.
وفي السياق ذاته، وثقت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق أكثر من 300 اعتداء على الصحفيين والإعلاميين منذ مايو 2023 حتى مايو 2024، وهو ما يعكس تزايد المخاطر التي تواجه الصحافة في العراق.
الخلاصة
إن الوضع الحالي للحريات الصحفية في العراق يعكس تراجعاً خطيراً في ظل هيمنة المال السياسي وضغوط الأحزاب والميليشيات المسلحة. في الوقت الذي يزداد فيه التضييق على الصحفيين والناشطين، يستمر العراق في تصدّر قائمة الدول الأكثر خطورة على الصحافة، مما يثير القلق بشأن مستقبل الإعلام المستقل في البلاد.