قراءة  في الدراما العراقية  .. وأثر المتغيرات السياسية والاقتصادية عليها

Advertisements

   قراءة  في الدراما العراقية  .. وأثر المتغيرات السياسية والاقتصادية عليها

فلاح زكي

مخرج وكاتب من العراق

كانت لفترة الستينات من القرن الفائت وما تلاها من عقود حتى بدأيه القرن الحالي وبالتحديد ما قبل الاحتلال متأرجحات متفاوتة في نوعيه ومستوى الدراما المنتجة في العراق والتي تأثرت بشكل كبير بالمتغيرات السياسية والاقتصادية والناتجة من الحصار على العراق خلال التسعينات مضافا الى ذلك هو نزوع الكوادر المحترفة والضالعة في الانتاج الدرامي الى الهجرة والرحيل والاندماج في مؤسسات الانتاج التلفزيوني في الاردن وسوريا ولبنان وغيرها من الدول العربية التي استرخصت الكوادر العراقية وراحت تسحقهم في عجلات الانتاج المتسارعة التطور نتيجة التوسع الاعلامي والفضائي وتعدد المحطات التي تحتاج الانتاج المحلي وبذلك انعكس سلبا على حجم ونوعية الانتاج الدرامي العراقي المنتج في العراق مما اتاح الفرصة للتجار ومحبي الفن والفنانين من الولوج الى عجلة الانتاج من البوابات الخلفية التي ساهم في فك رموزها لهم بعض كتاب الدراما وانصاف المخرجين الذين يلهثون وراء جيوب هؤلاء التجار واصحاب محلات القماش وبائعي المواد الإنشائية وسائقي التكسي بين عمان وبغداد وغيرهم من الذين يبغون الشهرة ومصاحبة الفنانين والفنانات , وظهرت والجميع يعلم ظاهرة المسلسلات البدوية وافلام السكرين خلال اعوام التسعينات وتحول بعض فناني السينما والمسرح من اللذين لا علاقة لهم بشي اسمه تمثيل الى مخرجين لأفلام السكرين ولمزيد من المعلومات عن افلام السكرين اوضح ما يلي ( ان افلام ما اطلق عليها افلام السكرين في العراق هي التمثيليات الطويلة التي تقع بزمن 90-100 دقيقه تصور بمعدات فيديو محمول وبعد المونتاج تعرض في دور عرض الافلام السينمائية بواسطة جهاز عرض السكرين حيث تميزت تلك المرحلة بصعوبة الحصول على افلام سينمائية جديده من الموزعين المتخصصين بالأفلام مثل غازي العياش وغيرهم بسبب الحصار وايضا لارتفاع اسعاها مما اضطر اصحاب دور العرض في بغداد في الاقبال على الدخول في عقود مع منتجي افلام السكرين سيما انها تعرض اعمال عراقية احتوت على وجوه نسائية جديده وجريئة في التمثيل والظهور واشرت تلك المرحلة في الانتاج الدرامي العراقي من اسوء مراحل الانتاج السيء الذي اساء بشكل فاضح الى المجتمع العراقي وظهرت مشاهد العري والأثارة وغيرها وغابت الرقابة الحكومية بل واغمضت لجان الرقابة في السينما والمسرح عيونها لقناعتها (منو راح يشوف)بل والانكى من ذلك ان الصحافة التي ظهرت في تلك المرحلة انهمكت في تغطية الوجوه الجديدة والابطال الجدد وراحت تتسابق في نشر لقطات الوجوه النسائية الواعدة !!.

وفعلا ولانعدام الاستقبال الفضائي للقنوات العربية والعالمية انحسرت رؤية المشاهد العراقي في قناتين هما العامة الحكومية والشباب التابعة الى اللجنة اولمبيه العراقية والتي تعتمد الاعلان التجاري الذي انصب على عمليات الترويج والدعاية لتلك الافلام التلفزيونية والمسرح التجاري الذي لعب دورا خطيرا اخر في انزلاق الفن المسرحي العراقي الى الدرك الاسفل وتأثرت الثقافة العراقية بدوامه من المعطيات الجديدة لعب ابطالها شله من الوسط الفني العراقي والمنتفعين على حساب الاخلاق والمبادئ الاجتماعية وكانت جميع هذه الحلقات من الانتاج والفبركات والترقيع قد اجبرت الفنان وكاتب الدراما الحقيقيين من الانزواء او التخلي او الهجرة وبذات مرحله خطيره من الانحدار على جميع المستويات ساهم بشكل فاعل فيها الوضع الاقتصادي الذي اطاح بكثير من القيم والسياقات التي بنيت عبر اعوام طويله من الشقاء والتعلم والمحاولات في الارتقاء الحضاري ولأيمكن ان ينسى القاصي والداني التمثيل الثقافي والفني في المحافل والميادين والمهرجانات العربية والعالمي التي ساهم فيها الفنان العراقي بشكل متميز وحصد عدد من الجوائز خلال اعوام الستينات والسبعينات بل وحتى الثمانينات بالرغم من خضوع الاعلام العراقي والفن بشكل خاص الى التسيس تحت ظروف الحرب بين العراق وايران خلال الثمانينات اواسط السبعينات وحتى نهاية الثمانينات من القرن المنصرم تميزت الدراما العراقية بإنتاجات محليه من انتاج القطاع الحكومي الوحيد في الساحة الإنتاجية والتي كانت تنفذ في تلفزيون العراق حيث كانت وحدة الانتاج التلفزيوني في تلفزيون بغداد والتي كانت تضم اقساما عديده ومرتبطة اداريا بمدير التلفزيون ومعنويا بالمدير العام والذي يمتلك القرار الاول وتميزت وحدة الانتاج بالقوة والمكانة والحصانة وحريه الحركة حيث ضمت جميع الاسماء اللامعة في الاخراج التلفزيوني البرامجي والدرامي مثل مهدي الصفار رئيسا للوحدة والمخرجين خليل شوقي , رشيد شاكر ياسين , محمد يوسف الجنابي , عمانؤيل رسام , سمير الصائغ, هادي مبارك, حسين التكريتي , حمودي الحارثي , وكارلو هارتيون .

انظم الى الوحد بعد العام 1975 وبدأ التلفزيون الملون المخرجين الشباب فلاح زكي, حسن حسني, نبيل يوسف , وبدأت مرحله جديده في روحية الانتاج والاخراج وبعد سنتين من تلك المرحلة انظم المخرج صلاح كرم القادم من تلفزيون البصرة وتحول المصور التلفزيوني البارع عماد عبد الهادي الى مخرج وبذلك بدأت مرحله مهمه في الانتاج التلفزيوني خاصة مع انضمام مخرجين مصريين الى وحدة الانتاج مثل ابراهيم عبد الجليل وابراهيم الصحن وحسين حامد , وتعتبر مرحلة السبعينات من اهم المراحل التي انجبت عدد من الاعمال الدرامية العراقية المهمة والتي لا زالت عالقة في ذاكرة المشاهد العراقي العربي مثل تحت موس الحلاق للكاتب سليم البصري والمخرج عمانؤيل رسام ومسلسل الذئب وعيون المدينة للكاتب عادل كاظم والمخرج ابراهيم عبد الجليل ومسلسل )وينك يا جسر( للكاتب فاروق محمد والمخرج فلاح زكي ومسلسلات عديده واعمال متميزة اخذت مساحتها في البث التلفزيوني المحلي والعربي .

في الجزء الثاني من هذه الدراسة الوثائقية سأتحدث عن مرحلة تعبئه الانتاج الدرامي التلفزيوني للحرب العراقية الإيرانية ومتابعها من ظروف محيطه في الانتاج العربي

Exit mobile version