قانون الأحوال الشخصية .. شرعنه لزواج القاصرات وتكريس للطائفية
قانون الأحوال الشخصية .. شرعنه لزواج القاصرات وتكريس للطائفية
“عصر الجواري ولى”.. تظاهرة في قلب بغداد ترفض تعديل الأحوال الشخصية
بغداد – أوقات :
شهدت ساحة التحرير ببغداد، تظاهرات غاضبة حملن خلالها النساء لافتات ترفض إصرار البرلمان على تعديل قانون الأحوال الشخصية بوصف الخطوة اعتداء على حقوق المرأة والطفل. وقال شهود عيان إن (العشرات، غالبيتهم من النساء، تجمعوا تحت نصب الحرية في ساحة التحرير للتعبير عن رفضهم لتعديل قانون الأحوال الشخصية)،
وأشاروا إلى إن (التظاهرة شهدت رفع شعارات ويافطات تندد وترفض تعديل القانون الأحوال الشخصية، بوصفه الخطوة اعتداء واضح على القاصرات والمرأة بشكل عام ومحاولة لإعادتهن إلى عصر الجواري).
وأثار عرض القراءة الأولى لمقترح قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، في جلسة مجلس النواب، جدلاً وخلافاً بين الكتل النيابية ومنظمات المجتمع المدني، فيما بعض الأحزاب والكتل السياسية، أن التعديل “ضروري” بينما تعده قوى أخرى محاولة لـ”شرعنة” زواج القاصرات و”تكريس للطائفية”.
وفوجئ الرأي العام العراقي، بإدراج مشروع تعديل لقانون الأحوال الشخصية في جدول أعمال جلسة مجلس النواب الذي ضم موادَ خلافية، حيث تتعارض مع المادة 14 من الدستور التي وقعت عليه الأحزاب السياسية والدينية مع بداية احتلال العراق.
قانون الأحوال الشخصية
أفاد الناشط على عزيز ، أن قانون الأحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 كان ومازال مرجعية لتنظيم أحكام الاسرة واستقرارها ضمن تغطية تشريعية شملت كل الاحكام المتعلقة بالاسرة من الزواج والبنوة والنفقة والفرقة والحضانة والمواريث وسواها من الاحكام الاخرى ولمدة زادت على الستة عقود في التطبيق.
وأوضح عزيز، أن قانون الأحوال الشخصية الذي اقترح تعديلهُ في البرلمان مؤخراً يُعد ترسيخا للهويةِ الطائفية ومغادرة الهوية الوطنية ودفع البلد الى مرحلة ما قبل الدولة. وأن نصوص المشروع تخول رسميا زواج القاصرات.
وبين، أن القانون الجديد يعطل المساواة أمام القانون الواردة في المادة (14) من الدستور، على سبيل المثال ان الزوجة على المذهب الجعفري لا ترث مما يتركه الزوج من الأراضي لا عينا ولا قيمة وهذا ما هو مثبت في مشروع قانون الاحوال الشخصية الجعفرية المحتفظ به لدى مجلس النواب، في حين ان الزوجة على المذهب الحنفي ترث من زوجها الأراضي استنادا لاحكام المواريث الواردة في سورة النساء، هذا مثال على عدم المساواة امام القانون.
وأضاف، مثال آخر على عدم المساواة هو أن المذهب الحنفي يشترط شاهدين عدلين على عقد الزواج اذا لا ينعقد الزواج من دونهما، في حين ان المذهب الجعفري لا يشترط الشهود على عقد الزواج ويعد الزواج منعقدا ومستوفي لأسبابه الشرعية من دون حاجة الى الشهود. في حين ان قانون الاحوال الشخصية 188 لسنة 1959 اشترط في عقد الزواج شهادة شاهدين عدلين متمتعين بالاهلية القانونية.
فوضى القوانين
بدورها، أكدت الناشطة الحقوقية بشرى العبيدي، أنه منذ عام 2004 ومع اقتراب موعد أي انتخابات يعود مجلس النواب لطرح مقترحات لتعديل قانون الأحوال الشخصية، بهدف اثارة الفوضى والصراعات المجتمعية.
وقالت العبيدي، إن البعض من اعضاء مجلس النواب يحاول استهداف المرأة وسلب حقوقها القانونية عبر تقديم مقترحات او تعديلات قانونية، وأن البنود القانونية التي يتضمنها مقترح التعديل يسلب حق المرأة في حضانة اطفالها، فضلا عن انهاء جميع ما تحقق للمرأة خلال سنوات طويلة.
وتعقيبا على محتوى التعديل أفادت العبيدي بأن، هذا المحتوى لم يطرح لأول مرة بل سبق أن تم طرحه بذات الخطاب الطائفي قبل انتخابات عام 2017، وقد تم التصدي له عبر رفض مجتمعي واسع.
ونوهت الى أن المجتمع العراقي بات يعي جيدا العملية السياسية القائمة، ولهذا سيتم التصدي لما يجري من محاولات تشريعية وسُترفض مجتمعياً، خاصة أنها مخالفة لجميع الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي صادق عليها العراق.
مشاكل اجتماعية
إلى جانب عاصفة الانتقادات للتعديل الجديد، التي عدّته تراجعاً مؤسفاً ترتكبه قوى الإسلام السياسي الشيعية عن المكتسبات المدنية والاجتماعية التي حققها القانون النافذ، فضلاً عن أن التعديل يعيد البلاد إلى لحظة الانقسام الطائفي.
ويرى الحقوقي، علاء المانع، أن التعديل الجديد يلقي بظلاله القاتمة على مجمل فقرات القانون النافذ، لكنه يلامس وبشكل جوهري قضيتين أساسيتين سيكون لهما تأثير كارثي على مسار أحوال المواطنين الشخصية ويزيد من حجم المشاكل المرتبطة بقضيتي الزواج والطلاق.
وقال المانع، إن القضية الأولى تتمثل في أن التعديل الذي طال المادة العاشرة من القانون النافذ، المختصة بمسألة السماح بزواج الأشخاص خارج المحاكم المدنية من دون أن تطول المتزوج أي عقوبة قانونية كان القانون النافذ يفرضها وغالباً ما تكون مالية، وهذا التعديل سيفضي إلى مشاكل لا حصر لها، خصوصاً بالنسبة إلى الذين يرغبون في الزواج مرة ثانية وثالثة من دون أن يضطروا إلى تقديم أي سند يثبت أهليتهم لذلك، في حين يفرض القانون النافذ موافقة الزوجة الأولى ويشترط أن يكون الزوج قادراً على تحمل نفقات زواجه الثاني وهكذا.
وأضاف المانع، ان هذا الأمر يرتبط بالتعديل المتعلق بأعمار مَن يحق لهم الزواج، حيث يعلق التعديل هذا الحق على ما تقره المذاهب الدينية، وليس القانون الذي يحدّد عمر البلوغ والزواج بـ18، وفي حال الزواج في عمر 14 – 17، فإنه يفترض موافقة أولياء الأمور ويمنح مساحات في هذا الجانب.
وحذر المانع من ترك الأمر للتحديد المذهبي، لأن العراق سيسجل عدداً هائلاً من زيجات القاصرين والقاصرات بعمر 9 سنوات وصعوداً وتزايداً في المشاكل الاجتماعية وارتفاع نسب ومعدلات الطلاق.