كارثة نفوق الأسماك في هور الحويزة: أزمة بيئية تُفاقمها قلة الإطلاقات المائية
كارثة نفوق الأسماك في هور الحويزة: أزمة بيئية تُفاقمها قلة الإطلاقات المائية
المد الأخضر يخنق هور الحويزة: خبراء يحذرون من تفاقم أزمة نفوق الأسماك
ميسان – أوقات
شهدت محافظة ميسان، الواقعة جنوب شرق العراق، مؤخراً حادثة نفوق جماعي للأسماك في هور الحويزة، وهو حدث ليس الأول من نوعه، بل تكرر للمرة الثانية خلال فترة قصيرة. هذه الحادثة أثارت مخاوف لدى السكان المحليين والناشطين البيئيين، إذ أنها تمثل جزءاً من أزمة بيئية أوسع تعاني منها مناطق الأهوار نتيجة قلة الإطلاقات المائية والتغيرات البيئية الأخرى.
الدوب تسجل اكبر حملة نفوق
وفقًا لتقارير محلية وشهادات الخبراء، سجلت منطقة “الدوب” ضمن أهوار الحويزة الشرقية حالات نفوق واسعة للأسماك. هذا النفوق يأتي بعد حادثة مشابهة سُجلت في منطقة ناحية الخير ضمن الأهوار الوسطى، ما يجعل الأمر يبدو كظاهرة متكررة تهدد النظام البيئي في تلك المنطقة.
أحمد صالح نعمة، وهو ناشط بيئي من ميسان، أشار إلى أن الفحوصات المخبرية التي أجرتها المؤسسات الحكومية أظهرت وجود نقص حاد في نسبة الأوكسجين المذاب في الماء، وهو العامل الرئيسي وراء نفوق الأسماك. كما استبعد وجود أي سموم أو مواد كيميائية ضارة في المياه تكون قد تسببت في هذه الكارثة، مشددًا على أن انخفاض الإطلاقات المائية هو العامل الأساسي.
دور الطحالب في الأزمة
من جانبها، أوضحت دائرة بيطرة ميسان أن أحد الأسباب الأخرى للنقص الحاد في الأوكسجين يعود إلى ارتفاع نسبة الطحالب الخضراء المعروفة بـ”المد الأخضر”. هذه الطحالب تستهلك كميات كبيرة من الأوكسجين المذاب في المياه، ما يؤدي إلى اختناق الأسماك ونفوقها بأعداد كبيرة.
الدكتور باسم العريبي، مدير دائرة البيطرة، أشار إلى أن فرق البيطرة قامت بجولات ميدانية في الهور، حيث أخذت عينات من المياه والأسماك النافقة. وأكدت الفحوصات الأولية أن السبب الرئيسي وراء هذه الكارثة هو قلة الإطلاقات المائية وارتفاع نسبة الطحالب، مع استبعاد وجود أمراض جرثومية أو فيروسية في المياه. كما أرسلت عينات إلى المختبرات المركزية في بغداد للفحص الدقيق.
أزمة نفوق الأسماك في هور الحويزة تدفع السكان للمطالبة بالحلول
وقفة احتجاجية في العمارة
على ضوء هذه الأزمة، نظّم العشرات من سكان الأهوار ونشطاء بيئيين وقفة احتجاجية في كورنيش نهر دجلة وسط مدينة العمارة. طالب المشاركون الحكومة، وخاصة وزارة الموارد المائية، باتخاذ إجراءات عاجلة لإطلاق المزيد من المياه إلى الأهوار لإنقاذ ما تبقى من الحياة المائية في هور الحويزة.
وخلال الوقفة، عبر المحتجون عن استيائهم من السياسة المائية الحالية التي تهدد النظام البيئي للأهوار وسكانها الذين يعتمدون بشكل رئيسي على الموارد المائية والأسماك كمصدر للرزق. ووصفوا هذه الحادثة بأنها “كارثة بيئية” قد تفضي إلى هلاك المزيد من الكائنات المائية إذا استمرت الأوضاع على ما هي عليه.
تفاعل الجمهور والمطالب
على منصات التواصل الاجتماعي، انتشرت مقاطع فيديو توثق نفوق الأسماك في هور الحويزة، مما أثار موجة من التعاطف والغضب تجاه الجهات المعنية. حمل النشطاء والسكان المحليون الجهات الحكومية مسؤولية إغفال هذا الملف البيئي الحساس، وطالبوا بإجراءات فورية لزيادة الإطلاقات المائية وإيقاف تفاقم هذه الأزمة.
تعتبر حوادث نفوق الأسماك المتكررة في هور الحويزة تحذيراً صارخاً من خطر محدق بالنظام البيئي في الأهوار. ومع استمرار قلة الإطلاقات المائية وارتفاع نسبة الطحالب، تصبح حياة الأسماك والحيوانات البرية والبرمائية في هذه المنطقة مهددة. يبقى السؤال مطروحاً: هل ستتخذ الحكومة إجراءات جادة لإنقاذ هذا التراث الطبيعي الثمين، أم أن الأهوار وسكانها سيظلون يعانون تحت وطأة أزمة بيئية قد تفضي إلى ما هو أسوأ؟