اكتشاف فسيفساء إغريقية في زيوغما: نافذة على الحضارة القديمة”
تمكن علماء الآثار مؤخرًا من اكتشاف مجموعة من الفسيفساء الإغريقية القديمة في المنطقة القريبة من الحدود مع لواء الإسكندرون السوري. هذه الفسيفساء كنوزاً ثقافية ذات قيمة تاريخية وفنية عالية. إذ يعود تاريخها إلى القرن الثاني قبل الميلاد. هذه الفسيفساء تمثل دليلاً ملموساً على التراث الثقافي الغني الذي تميزت به مدينة زيوغما، والتي كانت مركزاً تجارياً هاماً للإمبراطورية الرومانية الشرقية. أو ما يعرف بالإمبراطورية البيزنطية.
تاريخ مدينة زيوغما
أسس الإغريق مدينة زيوغما في القرن الثالث قبل الميلاد تحت اسم “سلوقية” على يد سلوقس الأول.يُعزى إليه أيضاً تأسيس مدن أخرى شهيرة مثل أنطاكية واللاذقية وأفاميا. كانت زيوغما في البداية جزءاً من الإمبراطورية السلوقية، والتي كانت واحدة من أقوى الدول التي ظهرت بعد تفكك إمبراطورية الإسكندر الأكبر. ومع مرور الزمن، خضعت زيوغما للحكم الروماني، وتم تغيير اسمها إلى “زيوغما”، وهو اسم يعني “الجسر” باللغة اليونانية، بسبب موقعها الاستراتيجي على نهر الفرات.
الخصائص الفنية والثقافية للفسيفساء
تتميز الفسيفساء المكتشفة في زيوغما بكونها لوحات فنية مذهلة تجسد مجموعة من الآلهة والشخصيات الأسطورية من الميثولوجيا الإغريقية، مثل الإله أوقيانوس وزوجته تيثيس، إضافة إلى الحورية ثاليا، وهي إحدى الحوريات التسعة في الأساطير الإغريقية. تعد هذه اللوحات شهادة على مهارة الحرفيين الذين صنعوه.وتبرز الأسلوب الفني المتقدم الذي كان سائداً في تلك الفترة.إذ تتضمن تفاصيل دقيقة وألوان زاهية تمكنت من البقاء محفوظة عبر العصور.
الأهمية الثقافية والاكتشافات الأثرية في زيوغما
زيوغما ليست مجرد مدينة أثرية. بل كانت جسراً ثقافياً بين الشرق والغرب.حيث كانت تقف على مفترق طرق بين الحضارات الكبرى. كانت المدينة مركزاً تجارياً، حيث كان يتم تداول البضائع مثل الحرير والعطور والتوابل بين آسيا وأوروبا. وقد أسهم اكتشاف هذه الفسيفساء في تسليط الضوء على دور زيوغما كمركز ثقافي وفني. مما يعزز فهمنا للتفاعل الثقافي الذي حدث بين الحضارات المختلفة في تلك الفترة.
خاتمة
اكتشاف الفسيفساء الإغريقية في زيوغما يُعد إسهاماً كبيراً في دراسة الفن والتاريخ القديم. تُعد هذه الفسيفساء بمثابة نافذة تطل على الماضي. تكشف عن جوانب متعددة من الحياة الاجتماعية والدينية في تلك الحقبة. كما يعكس هذا الاكتشاف أهمية الحفاظ على التراث الثقافي الإنساني. حيث تظل هذه القطع الأثرية شاهداً حياً على الحضارات القديمة وروعتها.