معركة حلب من جديد: هل يصمد الأسد أمام تقدم المعارضة؟

معركة حلب من جديد: هل يصمد الأسد أمام تقدم المعارضة؟

دمشق – اوقات
أثار الهجوم المفاجئ الذي شنّته المعارضة السورية على مدينة حلب. ذات الأهمية الاستراتيجية، تساؤلات جدية حول قدرة حكومة الرئيس بشار الأسد على الصمود في مواجهة التحديات المتجددة. ورغم أن حكومة الأسد تمكنت سابقًا من الحفاظ على السيطرة بفضل الدعم الإيراني والروسي. إلا أن المشهد الحالي يبدو أكثر تعقيدًا.
دور إيران وروسيا في دعم الأسد
مع اندلاع الحرب الأهلية السورية عام 2011، وقفت إيران وروسيا إلى جانب الأسد. حيث لعبتا دورًا محوريًا في منع انهيار حكومته. في عام 2015. بينما كانت دمشق على وشك السقوط في ظل توسع تنظيم “داعش” وانهيار المواقع الاستراتيجية. في هذا السياق، توجه قاسم سليماني إلى موسكو لإقناع الرئيس فلاديمير بوتين بالتدخل عسكريًا. استجابت موسكو ونشرت قواتها الجوية. لتبدأ حملة عسكرية حاسمة ساعدت الأسد على استعادة السيطرة على المدن الكبرى. من بينها حلب، التي استعادت القوات الحكومية السيطرة عليها في 2016 بعد حصار دامٍ.
التحديات الجيوسياسية الحالية
رغم النجاحات السابقة، يواجه الأسد اليوم وضعًا مختلفًا. روسيا، التي كانت العمود الفقري لدعمه، تجد نفسها غارقة في حرب أوكرانيا منذ 2022، ما أدى إلى إعادة نشر بعض قواتها من سوريا لدعم الجبهة الأوكرانية. كما أن إيران، الداعم الرئيسي الآخر، منشغلة بالصراعات الإقليمية، لا سيما في غزة وجنوب لبنان حيث تتعرض ميليشياتها لهجمات إسرائيلية مكثفة.
تلك التطورات حدّت من قدرة موسكو وطهران على توفير الدعم الكامل لحكومة دمشق، مما زاد من هشاشة موقف الأسد في مواجهة الهجوم الجديد للمعارضة.
تصاعد الهجوم على حلب وتوسع المعارضة
الهجوم الأخير على حلب يُعد أكبر إنجاز للمعارضة المسلحة منذ سنوات. وقد شنت الجماعات المسلحة المدعومة من تركيا، بالإضافة إلى “هيئة تحرير الشام”، هجومًا منسقًا استطاعت خلاله السيطرة على مواقع استراتيجية في شمال سوريا، بل وهددت بالتقدم نحو مدينة حماة.
تدّعي تركيا أنها لا تدعم هذه الهجمات بشكل مباشر، إلا أن الدعم العسكري واللوجستي للجماعات المتمردة في شمال سوريا يظل أمرًا واقعًا. في المقابل، ورغم قصف الطائرات الروسية والسورية لمواقع المتمردين، لم تتمكن هذه الهجمات الجوية حتى الآن من احتواء تقدم المعارضة.
محدودية الدعم الإيراني
على الرغم من عبور 300 مقاتل من العراق لدعم الأسد، إلا أن إيران تواجه صعوبة في توفير تعزيزات إضافية، خاصة بعد الخسائر التي تكبدها “حزب الله” نتيجة الهجوم الإسرائيلي الأخير. في عام 2015، كانت إيران تعتمد بشكل كبير على الميليشيات الشيعية من العراق ولبنان لدعم الأسد، ولكن الآن تجد نفسها منشغلة في عدة جبهات، ما يضعف قدرتها على التركيز الكامل على سوريا.
السيناريوهات المحتملة
يتوقف مستقبل الصراع السوري في حلب على عدة عوامل:
- قدرة الحكومة السورية على شن هجوم مضاد: تعهد الأسد بسحق الهجوم ووصف المتمردين بـ”الإرهابيين”. وإذا تمكن من تعبئة قواته واستعادة الدعم الكافي من حلفائه، فقد يتمكن من استعادة الأراضي المفقودة.
- الدور الروسي والإيراني: استمرار الدعم الروسي والإيراني سيظل عنصرًا حاسمًا في تحديد ما إذا كانت حكومة الأسد ستتمكن من الصمود. ولكن بالنظر إلى الانشغال الروسي في أوكرانيا وتراجع قدرة إيران على دعم الأسد، فإن النجاح ليس مضمونًا.
- الدور التركي: تركيا تلعب دورًا محوريًا في الشمال السوري. وإذا استمرت في دعم المعارضة، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير المعادلة على الأرض لصالح المتمردين.
انعكاسات الصراع على المنطقة
التصعيد في سوريا قد يؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط. فاستمرار النزاع السوري إلى جانب الأزمات في غزة ولبنان قد يدفع المنطقة نحو مزيد من الصراع والتوترات الجيوسياسية، مما سيجعل أي حل دبلوماسي للأزمة السورية أكثر تعقيدًا.
الهجوم المفاجئ على حلب يعيد تسليط الضوء على هشاشة الأوضاع في سوريا بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية. ورغم المكاسب السابقة التي حققها الأسد بفضل الدعم الروسي والإيراني، فإن الظروف الحالية تُلقي بظلال من الشك على قدرته على الصمود في مواجهة التحديات الجديدة. فهل سيتمكن الأسد من استعادة حلب مرة أخرى، أم أن المعارضة ستنجح في تحقيق اختراق تاريخي يغير مسار الصراع السوري؟ الأيام المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل هذا النزاع الطويل.