تقارير

“الكنوز المدفونة: مساعٍ لإدراج المواقع الأثرية العراقية في التراث العالمي”

Advertisements

“الكنوز المدفونة: مساعٍ لإدراج المواقع الأثرية العراقية في التراث العالمي”

مقدمة: كنوز حضارية تنتظر الاكتشاف

يمثل العراق خزانًا من الكنوز الأثرية والحضارية التي لا زالت معظمها مخبأة تحت ترابه، لتروي حكايات حضارات بادت وتركت بصماتها على مر العصور. ورغم انتشار آلاف المواقع الأثرية في مختلف أرجاء البلاد، إلا أن المكتشف منها لا يشكل سوى جزء صغير مما يمكن أن يظهر مستقبلًا. ومع ما تشهده المواقع الأثرية من أعمال تنقيب متواصلة، تقف عقبات عدة أمام مساعي حمايتها وإدراجها ضمن قائمة التراث العالمي.

جهود التنقيب ومبادرات الإدراج ضمن قائمة التراث العالمي

في ظل سعي وزارة الثقافة العراقية لتعزيز وجود المواقع الأثرية العراقية . على قائمة التراث العالمي لليونسكو.أعلن وزير الثقافة والسياحة والآثار. أحمد فكاك البدراني.عن استمرار العمل في إدراج عدد من المواقع التراثية ضمن هذه القائمة. وأشار إلى أن نحو 40 بعثة تنقيبية تعمل حاليًا في عدة مناطق لاكتشاف المزيد من الآثار غير المكتشفة.

وأكد البدراني أن بعض المواقع، مثل “نينوى الآشورية. قد تم ترشيحها مؤخرًا للإضافة إلى القائمة، في حين يستمر العمل على إعادة ترميم الآثار المدمرة في مدينة الموصل. خاصة تلك التي دمرت خلال سيطرة تنظيم “داعش” عليها.

15 ألف موقع أثري في انتظار الكشف

وفي حديثه عن الجهود المبذولة، كشف الوزير . أن الوزارة قد حددت حتى الآن نحو 15 ألف موقع أثري موزع على مختلف مناطق البلاد. إلا أن هذا العدد مرشح للزيادة مع استكمال أعمال المسح الأثري الشامل في جميع المحافظات. ورغم هذه الجهود، تواجه الوزارة صعوبات في تأمين هذه المواقع وحمايتها من النهب أو التدمير، نظرًا لنقص الموارد البشرية والمالية.

صعوبات وتعقيدات: الوضع الأمني والموارد الشحيحة

على الرغم من الجهود المستمرة لحماية الآثار وإدراجها ضمن لائحة التراث العالمي. أوضح حسن الشكرجي، الباحث في الآثار والتراث، أن الظروف الأمنية والسياسية في العراق تشكل التحدي الأبرز. وأشار إلى أن اليونسكو تعتبر مسألة تسجيل المواقع الأثرية العراقية معقدة، بسبب الوضع العام غير المستقر في العراق والمنطقة. ورغم تقديم العراق لطلبات لضم مواقع مثل بابل ومدينة أور الأثرية ومدينة سامراء، إلا أن تلك الطلبات واجهت صعوبات كبيرة.

معوقات الحماية والتحديات الإدارية

أكد الشكرجي على أن العراق يتأثر بشكل مباشر بالأزمات الإقليمية، مما يصعب من مسألة تأمين المواقع الأثرية، مضيفًا أن ضعف الإمكانيات الحكومية وغياب التمويل الكافي يزيدان من خطورة النهب أو التدمير لهذه الكنوز الحضارية. كما اقترح الشكرجي ضرورة تشكيل لجان متخصصة تضم خبراء في مجال حماية الآثار، إلى جانب وضع خطة علمية شاملة، وتوفير حراسات مدنية متخصصة بجانب شرطة الآثار لتأمين هذه المواقع.

اليونسكو والجهود الدولية: حماية الإرث الحضاري العراقي

تتطلب حماية الآثار العراقية تعاونًا دوليًا، خاصة مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو، التي تسعى إلى حماية التراث الإنساني. ومع انضمام العراق إلى معاهدة مواقع التراث العالمي منذ عام 1974، استطاع تسجيل عدد من المواقع الأثرية على القائمة، مثل مملكة الحضر التي أدرجت في عام 1985، وآشور (القلعة الشرقية) في 2003، ومدينة سامراء الأثرية في 2007. كذلك، أدرجت قلعة أربيل وأهوار جنوب العراق في القائمة خلال عامي 2014 و2016.

محافظة الأنبار: إمكانات أثرية وسياحية غير مستغلة

من جانبه، تحدث عمار علي، مدير مفتشية الآثار والتراث في محافظة الأنبار، عن الإمكانات الأثرية الكبيرة التي تمتلكها المحافظة. وأوضح أن الأنبار، بما تضمه من مئات المواقع الأثرية المكتشفة والمسجلة رسميًا، تنتظر إجراء عمليات استكشاف شاملة لزيادة العدد الحالي من المواقع المكتشفة.

وأشار علي إلى أن أغلب المواقع الأثرية تقع على ضفاف نهر الفرات، حيث كانت هذه المناطق ملائمة لتجمعات سكانية قديمة. ومن أبرز الحضارات التي شهدتها المحافظة، الحضارات السومرية، البابلية، والأشورية، إلى جانب آثار العصر العباسي.

مدن أثرية بارزة: من الهاشمية إلى خدام

تتضمن المواقع الأثرية في الأنبار، مدينة الهاشمية، التي كانت عاصمة العباسيين، ومدينة خدام الأثرية في القائم، التي تعود إلى العصر الآشوري الحديث. وفيما خضعت بعض المواقع لأعمال صيانة وترميم، ما زالت العديد منها في حاجة إلى مزيد من العمل بسبب نقص التخصيصات المالية.

خاتمة: مستقبل واعد بجهود دولية ومحلية

رغم الصعوبات، تعكس الجهود الحالية والتعاون المستمر بين العراق والمنظمات الدولية، تفاؤلًا بإمكانية حماية التراث الأثري العراقي. مع توفر الدعم والتمويل الكافيين، يمكن للعراق أن يستعيد مكانته كواحة حضارية تعكس التنوع الثقافي والتاريخي لهذه الأرض، لتصبح المواقع الأثرية مستقبلًا وجهة سياحية عالمية، تعيد إحياء تاريخ هذه الحضارات العريقة، وتنعش الاقتصاد المحلي من خلال مشاريع استثمارية سياحية واعدة.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى