مؤتمر القاهرة للقوى السودانية محاولة جديدة لوقف الحرب
مؤتمر القاهرة للقوى السودانية محاولة جديدة لوقف الحرب
المؤتمر ينعقد بغياب ممثلي قوات الدعم السريع التي تمكنت من إعادة السيطرة على مدينة الدندر الاستراتيجية غربي سنجة مع تقدمها باتجاه القضارف.
الخرطوم – انطلق اليوم السبت بالعاصمة المصرية القاهرة مؤتمر يجمع فرقاء السودان لمناقشة وقف الحرب ومعالجة الأزمة الإنسانية والتحضير للمسار السياسي، في حدث رآه مراقبون خطوة لكسر الحاجز النفسي وبناء الثقة بين فرقاء سيجلسون تحت سقف واحد لأول مرة منذ اندلاع الحرب في بلادهم قبل نحو 15 شهرا.
وأكد وزير الخارجية والهجرة وشؤون المصريين بالخارج بدر عبدالعاطي اليوم السبت أن “مصر ستستمر في بذل كل ما في وسعها بالتعاون مع كافة الأطراف لوقف نزيف الدم السوداني الغالي، والحفاظ على مكتسبات شعب السودان، والمساعدة في تحقيق تطلعات شعبه، والعمل على تسهيل نفاذ المساعدات الإنسانية المقدمة من الدول المانحة للسودان عبر الأراضي المصرية”.
جاء ذلك خلال افتتاح الوزير عبدالعاطي اليوم مؤتمر القوى السياسية والمدنية السودانية والذي يعقد في القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة، بحضور ممثلي تلك القوى والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الفاعلة وذات الاهتمام بملف السودان، وفق المتحدث باسم الخارجية أحمد أبوزيد.
وصرح المتحدث في بيان نشر على صفحة وزارة الخارجية على فيسبوك بأن الوزير عبدالعاطي أكد في كلمته الافتتاحية على “خطورة الأزمة الراهنة التي يواجهها السودان الشقيق منذ ما يزيد عن عام كامل، وتداعياتها الكارثية التي تتطلب الوقف الفوري والمستدام للعمليات العسكرية حفاظا على مقدرات الشعب السوداني الشقيق ومؤسسات الدولة، وبما يتيح الاستجابة الإنسانية الجادة والمنسقة والسريعة من كافة أطراف المجتمع الدولي، والتوصل لحل سياسي شامل يستجيب لآمال وتطلعات الشعب السوداني”.
ويشهد السودان منذ أبريل 2023 حرباً داخلية، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، راح ضحيتها آلاف المدنيين، ودفعت نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخلياً وخارجياً لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
وعلى مدى نحو خمسة عشر شهراً، من اندلاع الحرب، لم تحقق المبادرات التي قدمتها أطراف دولية وإقليمية، نجاحاً في وقف الاقتتال الداخلي.
وأشاد الوزير بـ “الجهد الكبير والموقف النبيل الذي اتخذته دول جوار السودان التي استقبلت الملايين من الأشقاء السودانيين، وشاركت مواردها المحدودة في ظل وضع اقتصادي بالغ الصعوبة”.
كما طالب كافة أطراف المجتمع الدولي بـ”الوفاء بتعهداتها التي أعلنت عن التزامها بها في المؤتمر الإغاثي لدعم السودان، الذي عقد خلال شهر يونيو في جنيف، وكذلك المؤتمر الدولي لدعم السودان ودول الجوار الذي عقد في باريس منتصف أبريل الماضي لسد الفجوة التمويلية القائمة، والتي تناهز 75 بالمئة من إجمالي الاحتياجات”، مشيرا لتكثيف مصر لاتصالاتها مع كافة المنظمات الإنسانية متعددة الأطراف لدعم دول الجوار الأكثر تضررا من التبعات السلبية للأزمة.
واستعرض عبدالعاطى جهود مصر الإنسانية مند بدء الأزمة، حيث استقبلت مئات الآلاف من الأشقاء السودانيين الذين انضموا إلى ما يقرب من خمسة ملايين مواطن سوداني يعيشون في مصر منذ سنين عديدة. كما قدمت الحكومة المصرية مساعدات إغاثية عاجلة تضمنت مواد غذائية وإعاشية ومستلزمات طبية للأشقاء السودانيين المتضررين من النزاع داخل الأراضي السودانية، بالإضافة إلى استمرارها في عدد من المشروعات التنموية لتوفير الخدمات الأساسية لهم، كمشروع الربط الكهربائي، وإعادة بناء وتطوير ميناء وادي حلفا.
وأكد أن “أي حل سياسي حقيقي للأزمة في السودان لابد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم، ودون إملاءات أو ضغوط خارجية وبتسهيل من المؤسسات الدولية والإقليمية، وعلى رأسها الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الشقيقة والصديقة المهتمة بالسودان”.
ونوه بأن النزاع الراهن هو قضية سودانية بالأساس، وبأن أي عملية سياسية مستقبلية ينبغي أن تشمل كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة السودانية، وفي إطار احترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها، مشددا على أهمية وحدة القوات المسلحة السودانية لدورها في حماية السودان والحفاظ على سلامة مواطنيه.
وحرص عبدالعاطي على تأكيد أن استضافة مصر لهذا المؤتمر تعد استكمالا لجهودها ومساعيها لوقف الحرب في السودان، وفي إطار من التعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، لاسيما دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيجاد.
وأعرب الوزير عن تمنياته بالتوفيق لكافة المشاركين في مساعيهم الرامية لتوحيد الرؤى والجهود للخروج بالسودان من أزمته الراهنة، داعيا إياهم جميعا لإعلاء المصلحة الوطنية للسودان، ومؤكدا أن مصر ستظل دائما وأبدا داعمة لكافة الجهود الساعية لعودة الاستقرار والتقدم والازدهار للسودان.
وكانت مصر أعلنت في نهاية شهر مايو الماضي، عزمها عقد المؤتمر، وحدّدت موعداً له في نهاية يونيو الماضي، لكنها أجلته، ليعقد خلال يومي السادس والسابع من يوليو الحالي (اليوم السبت وغدا الأحد).
ووجهت وزارة الخارجية المصرية الدعوة إلى أكثر من 50 من قيادات القوى السياسية والمدنية والمجتمعية وشخصيات قومية ورجال دين وإدارات أهلية.
وراعت الدعوة التوازنات على ضفتي المشهد السوداني، إذ شملت القوى المنضوية تحت تحالف قوى الميثاق الوطني المساندة للجيش، والقوى المدنية الديمقراطية “تقدم” المتّهمة من خصومها بموالاة قوات الدعم السريع.
ووجدت الدعوة المصرية لعقد المؤتمر ترحيبا من معظم القوى السياسية السودانية والحركات المسلحة، التي أعلن أغلبها الجمعة، مشاركتها في المؤتمر.
وقال المستشار السياسي لرئيس الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل حاتم السر في تصريح صحافي إن مؤتمر القاهرة حول السودان يهدف إلى إطلاق عملية الحوار بين السودانيين واذابة الجليد الذي سببه التباعد والاستقطاب الحاد.
وتوقع السر أن يكون المؤتمر بمثابة وضع حجر الأساس لمظلة قومية وانطلاقة للعملية السياسية التي سيبنى عليها كل شيء فيما بعد وقد يؤدي في النهاية إلى عقد اتفاق سلام شامل ودائم.
ومن جانبه أكد رئيس حركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي استجابته للدعوة التي تلقاها من مصر، قائلا في منشور على فيسبوك إنه سيتوجه خلال الساعات القادمة الى العاصمة المصرية القاهرة لحضور مؤتمر القوى السياسية والمدنية.
وأبدى مناوي تطلعه لأن يتمكن المؤتمر من ايجاد حلول جذرية للأزمة السياسية الراهنة بالبلاد مع التركيز على ايصال المساعدات الإنسانية. وتابع “نأمل أن تكون خطوة نحو الاتجاه الصحيح لإنهاء الحرب ومعاناة الشعب السوداني”.