هل يُكتب لمستقبل التعليم في العراق النجاة من مستنقع الفساد؟

هل يُكتب لمستقبل التعليم في العراق النجاة من مستنقع الفساد؟
واقع التعليم في العراق في ظل فساد حكومة الإطار التنسيقي
يشهد التعليم في العراق تحديات كبيرة تؤثر على جودة التعليم، مما يعكس الواقع الصعب الذي يواجهه المواطن في جميع القطاعات. نتيجة الفساد الإداري وسوء الإدارة الحكومية. خاصة في ظل حكم الإطار التنسيقي. فقد أصبح التعليم.بالرغم من أهميته، ضحية للصراعات السياسية والتدهور الاقتصادي، الأمر الذي أدى إلى انهيار البنية التحتية للمؤسسات التعليمية.
التعليم في مواجهة الصراعات السياسية والتدهور الأمني
كما عانى العراق لعقود من الصراعات والحروب التي خلفت آثارًا كارثية على مختلف القطاعات. وعلى رأسها التعليم. حيث تعرضت العديد من المدارس والجامعات إلى التدمير الجزئي أو الكلي، مما جعل العملية التعليمية غير مستقرة، لا سيما في المناطق التي شهدت أعمال عنف متكررة. الأوضاع السياسية غير المستقرة، والفساد المستشري في وزارة التربية والتعليم، جعلت من الصعب تنفيذ مشاريع تطويرية لإصلاح ما تم تدميره. كما أن غياب سياسات واضحة واستراتيجية وطنية لإعادة تأهيل القطاع التعليمي جعل من الصعب تحقيق أي تطور ملموس.
ضعف البنية التحتية وازدحام المدارس
من أبرز التحديات التي يواجهها النظام التعليمي هو النقص الحاد في البنية التحتية، إذ تعاني العديد من المدارس من الاكتظاظ الشديد بسبب نقص الأبنية الدراسية، ما أدى إلى دمج ثلاث مدارس في بناية واحدة وبثلاثة وجبات دراسية يوميًا. كما لا تزال هناك مدارس مبنية من الطين في بعض المناطق الريفية، وهو أمر غير مقبول في بلد يمتلك موارد نفطية هائلة. بالإضافة إلى ذلك، تعاني العديد من المدارس من نقص حاد في المرافق الصحية، وانعدام بيئة تعليمية آمنة ونظيفة.
التمويل الحكومي وتردي أوضاع المعلمين
على الرغم من تخصيص العراق جزءًا من موازنته للتعليم، إلا أن الفساد يبتلع الجزء الأكبر من هذه الميزانية، مما يؤدي إلى نقص كبير في التجهيزات الأساسية مثل الكتب المدرسية ووسائل الإيضاح. بالإضافة إلى ذلك، يعاني المعلمون من تدني رواتبهم، وعدم توفر التدريب الكافي لهم، مما يؤثر على جودة التعليم المقدم للطلبة. فالمعلمون يُعانون من ضغوطات مالية خانقة تجعل من الصعب عليهم تقديم التعليم بأفضل جودة، في ظل عدم وجود حوافز مهنية أو تطور مهني حقيقي.
نقص الكوادر التعليمية وضعف المناهج
يعاني العراق من نقص في عدد المعلمين المؤهلين، خاصة في المواد العلمية والتكنولوجية، وهو ما يحد من قدرة الطلبة على مواكبة التطورات الحديثة. كما أن المناهج الدراسية لا تزال قديمة ولا تواكب التغيرات السريعة في العالم، ما يجعل مخرجات التعليم ضعيفة مقارنة بالدول الأخرى. غياب التحديث المستمر للمناهج أدى إلى وجود فجوة تعليمية بين العراق والدول المجاورة، حيث تعتمد العديد من الدول على وسائل تعليمية متقدمة وتقنيات حديثة في التدريس.
التعليم الجامعي والاستثمار في الجهل
تحولت الجامعات الأهلية في العراق إلى تجارة مربحة على حساب الطلبة الفقراء، حيث يُمنع أبناء الطبقات المتوسطة والمحدودة الدخل من الالتحاق بها بسبب ارتفاع التكاليف، بينما تُفتح أبوابها لأبناء الأغنياء بغض النظر عن مستواهم العلمي. هذه الفجوة أدت إلى غياب العدالة التعليمية، مما جعل التعليم في العراق بعيدًا عن مبدأ تكافؤ الفرص. وبالإضافة إلى ذلك، فإن الجامعات الحكومية تعاني من تدهور في المستويات الأكاديمية نتيجة الفساد المستشري داخل إداراتها.
القطاع التعليمي والتحديات المستقبلية
مع استمرار سوء الإدارة والفساد في قطاع التعليم، تتزايد المخاوف من انهيار المنظومة التعليمية بالكامل خلال السنوات القادمة. فقد أصبح العراق في ذيل قائمة الدول من حيث جودة التعليم، نتيجة غياب التخطيط الاستراتيجي وسوء تخصيص الموارد المالية. كما أن هجرة العقول العراقية إلى الخارج بسبب سوء الأوضاع في الداخل زادت من أزمة نقص الكفاءات التعليمية.
الطريق نحو إصلاح التعليم
إن تحسين واقع التعليم في العراق يتطلب إصلاحات جذرية تشمل:
- بناء المزيد من المدارس الحديثة لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الطلبة.
- تخصيص ميزانيات فعلية لإعادة تأهيل المدارس المدمرة وتجهيزها بالمستلزمات الحديثة.
- تحسين أوضاع المعلمين ماديًا ومهنيًا من خلال توفير رواتب مجزية ودورات تدريبية متطورة.
- مراجعة المناهج الدراسية وتحديثها بما يتناسب مع متطلبات العصر.
- ضبط عمل الجامعات الأهلية وتقنين رسومها بما يتناسب مع الوضع الاقتصادي.
- تعزيز استخدام التكنولوجيا في التعليم وتوفير بيئة تعليمية متطورة.
- وضع سياسات فعالة لمكافحة الفساد في وزارة التربية والتعليم.
خاتمة
يبقى التعليم في العراق أحد أهم القطاعات التي تحتاج إلى إصلاح جذري بعيدًا عن الفساد والمحسوبية. ورغم أن الدستور العراقي ينص في المادة 34 الفقرة الثانية على أن “التعليم المجاني حق لكل العراقيين في مختلف مراحله”، إلا أن الواقع يعكس تدهورًا متعمدًا في المنظومة التعليمية، مما يهدد مستقبل الأجيال القادمة. فهل ستتحرك الحكومة لإنقاذ التعليم، أم سيظل رهينة الفساد والسياسات الفاشلة؟