أهالي القائم يطالبون الجهات العليا بتسريع صرف تعويضات دورهم المتضررة
أهالي القائم يطالبون الجهات العليا بتسريع صرف تعويضات دورهم المتضررة
عمار محسن الدليمي
معاناة أهالي قضاء القائم في محافظة الأنبار بشأن تعويض منازلهم المتضررة ما تزال دون حل برغم الوعود الكثيرة التي تلقاها الأهالي من مختلف الجهات، وهم يناشدون الحكومة العراقية والجهات العليا التي يهمها أمر تنفيذ مطالبهم بسرعة إطلاق هذه الأموال كون العشرات من تلك العوائل تعاني ظروفا معيشية وإنسانية صعبة للغاية.
وتعد قضية التعويضات من أكثر القضايا إلحاحًا في قضاء القائم، حيث تشير التقديرات إلى أن قيمة هذه التعويضات تتراوح ما بين 50 مليون دينار وما فوق، وفقًا لحجم الأضرار التي لحقت بالمنازل والبنى التحتية. ولكن للأسف، فإن عملية صرف هذه التعويضات تمر ببطء شديد، مما أدى إلى تزايد معاناة العائلات المتضررة التي اضطرت لمغادرة القائم والعيش في مناطق أخرى مثل كردستان العراق وبغداد، حيث يواجهون تحديات جديدة وصعوبات اقتصادية تفوق طاقاتهم.
ومنذ انتهاء الحرب، قامت الحكومة بتشكيل لجان لتقييم الأضرار وتحديد المبالغ المستحقة لكل منزل، ولكن عملية التقييم نفسها تعرضت لانتقادات كثيرة بسبب بطئها وعدم شفافيتها في بعض الأحيان. المواطنون الذين كانوا يأملون في العودة السريعة إلى ديارهم وجدوا أنفسهم عالقين بين وعود الحكومة وتسويف البيروقراطية. وقد أعرب العديد من سكان القائم عن استيائهم من هذا الوضع، مؤكدين أن التأخير المستمر في صرف التعويضات ليس فقط ظلماً لهم بل هو استخفاف بحقوقهم كمواطنين، يعيشون على أرض وطنهم الذي ضحوا من أجله.
من بين هؤلاء المواطنين، أبو أحمد، وهو رب أسرة من القائم، يروي قصته المؤلمة قائلاً: “بعد أن فقدت منزلي في الحرب، توقعت أنني سأتمكن من العودة لإعادة بنائه بمجرد انتهاء الصراع. لكن مرت سنوات ونحن لا نزال ننتظر التعويضات التي وعدتنا بها الحكومة. لقد اضطررت لنقل عائلتي إلى أربيل، حيث نعيش الآن في شقة صغيرة بإيجار مرتفع جدًا بالنسبة لظروفنا”. أبو أحمد أضاف بنبرة حزينة: “نحن في وضع سيء جدًا، لا نملك القدرة على العودة ولا نملك المال للبقاء هنا لفترة أطول”.
هذه القصة ليست استثناءً بل هي جزء من واقع يعيشه الكثير من أهالي القائم الذين وجدوا أنفسهم مضطرين للتكيف مع حياة جديدة في مناطق مختلفة، بعيدًا عن مدينتهم التي لطالما حلموا بالعودة إليها. ويعزو كثير من هؤلاء السكان التأخير في صرف التعويضات إلى الفساد المستشري في بعض مفاصل الحكومة والبيروقراطية المفرطة التي تتسبب في تعطيل العمليات الإدارية.
ولم يكن التأخير في صرف التعويضات هو المشكلة الوحيدة التي يواجهها سكان القائم. فهناك مشكلة أخرى تتمثل في عدم وجود خطة واضحة لإعادة إعمار المدينة والبنى التحتية، مما يزيد من صعوبة العودة بالنسبة للعائلات التي فقدت منازلها. عدم وجود بنى تحتية مثل المدارس والمستشفيات، فضلاً عن النقص في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه، يجعل من العودة إلى القائم خيارًا غير عملي للكثيرين.
من جانبها، تؤكد الحكومة أن عملية صرف التعويضات تسير ببطء لأسباب تتعلق بتأمين التمويل اللازم وضمان عدالة التوزيع، إلا أن هذه التبريرات لم تعد تقنع المواطنين الذين باتوا يرون في هذه التأخيرات تقصيرًا غير مقبول في حقوقهم. وتزداد المخاوف من أن يؤدي هذا التأخير المستمر إلى مزيد من النزوح السكاني من القائم إلى مناطق أخرى، مما يهدد بنزيف سكاني قد يصعب على المدينة التعافي منه في المستقبل القريب.
أمام هذا الواقع الصعب، تزايدت دعوات المواطنين وممثليهم في المجالس المحلية بضرورة تدخل الحكومة المركزية بشكل مباشر وسريع لحل هذه الأزمة. ويطالب هؤلاء بتخصيص مبالغ كافية فورًا لصرف التعويضات المستحقة، بالإضافة إلى وضع خطة شاملة لإعادة إعمار المدينة بأسرع وقت ممكن.
في هذا السياق، يشير أحد المسؤولين في القائم، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، إلى أن “استمرار هذا التأخير سيدفع بالمزيد من المواطنين إلى مغادرة القائم، وقد نصل إلى نقطة لا عودة إذا لم يتم التحرك بسرعة. إعادة الإعمار ليست مجرد بناء منازل، بل هي إعادة بناء حياة كاملة للمواطنين الذين فقدوا كل شيء”.
وهكذا تبدو الأزمة في قضاء القائم بمثابة اختبار حقيقي لمدى قدرة الحكومة على الوفاء بوعودها والتزامها تجاه مواطنيها. أهالي القائم الذين يعيشون على أمل العودة إلى ديارهم يحتاجون إلى أفعال حقيقية على الأرض، وليس إلى المزيد من الوعود والتأجيلات وهم يتوجهون بنداء عاجل الى الجهات العليا لتسريع صرف التعويضات وتوفير الدعم اللازم لإعادة إعمار المدينة هو السبيل الوحيد لضمان عودة الحياة إلى طبيعتها في هذه المدينة التي تحملت الكثير خلال سنوات الحرب.